هل تخصصك او وظيفتك كانت من اختيارك
هل شعرت يومًا أن تخصصك لم يكن اختيارك، وكأنك كنت مجبرًا عليه؟ سواء كنت مهندسًا أو طبيبًا أو محاميًا، كثير منّا عاش هذا الشعور، خاصة حين يكون الوالدان هما من يختاران التخصص بحسن نية.
هل ما زلت تشعر بالذنب لأنك لم تختر تخصصك بنفسك؟ صدّقني هذا الذنب لن يفيدك. ربما تكره دراستك في الجامعة أو وظيفتك لأنها لا تمثّلك، لكن الحل بسيط.
أول ما عليك فعله أن تعيش اللحظة وتنسى الماضي والمستقبل. كل ما حدث في الماضي مقدّر لك من الله. قال ﷺ: «كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة».
قد ترى أن تخصصك شرّ لك، لكن تذكّر قوله تعالى: «وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شرٌ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون».
لو اخترت تخصصًا آخر، ربما لما وصلت إلى شخصيتك الحالية وعلاقاتك اليوم. كن فخورًا بما أنت عليه، واحمد الله على من تعرفت عليهم في دراستك أو عملك.
والآن، العالم واسع والأشياء التي يمكنك تعلمها لا تُعد ولا تُحصى. ما دمت حيًّا في عز شبابك، لا تضيّع عمرك في الشكوى. جرب شيئًا جديدًا، ادخل دورات، تعلم من اليوتيوب، تعلّم البرمجة أو أي مهارة أخرى. لا تُحمّل تخصصك كل الذنب ولا تستسلم.
أنا مهندس كمبيوتر، وكنت أكره تخصصي، لكني بدأت أتعلم فيه بنفسي خارج الجامعة فبدأت أحبه. لا تتوقع أن ما تعلّمه لك الجامعة كافٍ ليجعلك تحب تخصصك؛ الحب يحتاج جهدًا شخصيًا. انظر إلى من يحبون تخصصاتهم وابحث عن أسباب حبهم، لا عن من هربوا منه.
واشكر الله على وظيفتك؛ هناك من يتمنّى مجرد وظيفة. ولا تترك عملك أو تغيّر تخصصك إلا وأنت في وضع مادي آمن. المستقبل سيأتي من خياراتك في الحاضر.
التذمر ولوم الأهل أو نفسك لن يفيدك إلا في جعلك سلبيًا، والناس ستبتعد عنك. نعم، ربما أغلب من حولك مجبرون مثلما كنت، لكن اجعل الفرق أنك شخص لديه أهداف خاصة به وتمثّله.
تذكّر أن أهلك يريدون مصلحتك من وجهة نظرهم، لا ليؤذوك. اجعل تخصصك جزءًا بسيطًا من حياتك، ولا تجعل أي شيء يمثّلك غير دينك.
فكّر بالنعم التي عندك، قال تعالى: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ». الحمد لله أنك ترى وتسمع وتمشي وتتنفس.
تأمل في خلق الله: «أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خُلقت…». في النهاية، رزقك بيد الله وقدرك بيده. وظيفتك رزقك، وتخصصك قدرك، ولن تغيّر هاتين الحقيقتين مهما حاولت. تقبّلهما وسترتاح كثيرًا بإذن الله.