top of page

بصقته النباتات كلها

يا معشر الناس…
أصغوا لندائي قبل أن تُغلق أبواب السماء، وقبل أن ينكسر محور الأرض على نفسه.

رمادي بدأ يتطاير بعيدًا، يتسلق الهواء طبقةً طبقةً، حتى وصل إلى أعلى نقطة على محور دوران كوب الأرض، هناك التهم الجليد القديم، الثلوج التي ظنناها أبدية ذابت… ذابت كلها.

إنها ليست مجرد ظاهرة، إنها لعنة الرماد التي تُعلن بدايتها.
الكوارث قادمة لا محالة؛ سترتفع مستويات التوتر كما يرتفع البحر، وتجف قلوب الناس كما تجف الأنهار، ستُعصر المشاعر حتى آخر قطرة، ويحتبس الألم في صدوركم كما يحتبس الدخان في الغرف المغلقة.

ميكروبات القلوب ستنتشر، وتتغير التيارات الكهربائية في صدوركم، وسيرتفع ثاني أكسيد الخوف في دمائكم، وتغدو الأرواح مختنقة بهواء الخيبة.

ستلتهم اللعنة الكبير قبل الصغير، والضعيف قبل القوي، لن ينجو أحد من الرماد حين يكتمل مداره.

اهربوا قبل فوات الأوان… لعنة الرماد بدأت من القمة ولن تنتهي إلا عند آخر نقطة على الأرض.

يا معشر الناس… الرماد لا يتحلل ولا يختفي،
لقد جربتم أن تجعلوه سمادًا للحياة،
فبصقته النباتات كلها، رفضته التربة، لم تستطع أن تمتصه ولا أن تهضمه، صار السماد سمًّا، وصارت الحياة صدىً للخراب.

هذا الرماد ليس رمادًا عاديًا، إنه ذكرياتكم المحترقة، إنه أحلامكم التي تهاوت، إنه كل ما دفنتموه في صدوركم من خوف وندم وحقد.

إنه لعنتي التي صارت لعنتكم، لعنة من لا مكان لهم، من لا وطن لهم إلا في الظلّ والرماد.

فمن أراد النجاة فليطهّر قلبه قبل أن يأتي الطوفان الرمادي، ومن أراد السلام فليغتسل بالنور قبل أن ينطفئ،
ومن بقي في غفلته فسوف تبتلعه العاصفة، كما ابتلعتني أنا يوم سرقوا شعلتي وتركوا لعنتي.

bottom of page